1.11.06

عن سكاكر بألوانٍ زائفة

الولد يقبض على كمشة الحبوب الملونة التي نالها كجائزة عن طرافته من القريبة الزائرة. يفتح قبضته ويتلصص على حبوبه الملونة. يؤثر أن يبقيها في الداخل قدر الإمكان. يهرب من أخته الملحة التي تريد أن تشاركه فيها. هي سكاكره. له وحده. لا لأحد. له هو.. فقط.
مشى قرب التلفاز.الأخبار. وأمام الأخبار أبوه مع بعض الأصحاب يتناقشون في السياسة:
" القحباء تحاضر بالعفة"؛ رنـّت الكلمة في مسمعه. سأل والده عن معنى "القحباء". صرخ فيه وأمره أن يذهب إلى غرفته. رغم هلعه، ظلت قبضته تحمي كنزه المصبوغ ربما أقوى من ذي قبل.
خرج إلى شرفة بيته، وجلس على البلاط البارد ذاته. يحب برودة البلاط، ترتخي له عضلات جسده اللين المتشنجة دوماً بسبب أفعاله النهارية. أراد أن يبدأ التهام وجبته الصغيرة لكنه سمع الجيران يتجاذبون أطراف الحديث عن الـ "متاولة" (؟؟). ذهب إلى أمه. سألها (هو المتعرف حديثاً على أسماء الخضروات والمهووس بتعدد أسماء البرتقال): هل "المتاولة" هو نوع من اللوبياء. مثل البادرية يا ماما؟
قالت له أن لا وجود لتلك الكلمة وأن غداء اليوم هو ملوخية. ونبهته أن ينتظر الغداء قبل أن يأكل سكاكره.
ما بهم اليوم يتجاهلونه و لا يعيرونه أدنى اهتمام؟ - يفكر. يعود إلى ركنه الصغير في غرفته بقبضته الثابتة.
في غرفة الجلوس، يطفئ الوالد التلفاز. يشعر بالذنب تجاه ولده. لكن ما عساه يقول له؟ أنه يحق للضحية إن باتت شاهداً حياً أن تلقِ قيأها وشتائمها على مسمع الجميع - فقط لأنها اكتسبت "طهارة" الشهادة الحية- ؟؟
أمه في المطبخ تراجع نفسها وتقول: "ربما عليَّ أن أفهمه أن "المتاولة" هي صفة لليمون العصي عن العصر. قد يكتشف الكذبة بعد سنتين أو أكثر ولكن لا بأس. سنتان من الكذب الدفاعي لن تهدما شخصيته التي ما تزال تتشكل".
الوالدان يقصدان كل بدوره غرفة الصبي ويلتقيان عند الباب. يجدانه في الركن باكياً. قبضته مفتوحة. كفه مطروش بصبغات الحبوب التي ذابت بفعل الحرارة. لم تعد السكاكر صالحة للأكل. حتى الألوان الذائبة على كفه زائفة؛ ستختفي عند أول غسلة. كان تعساً. كان يجري "جلداً ذاتياً" متأخراً. فكر في قرارة نفسه أنه ربما أحكم قبضته أكثر مما يلزم.
وحدها أخته وقفت شامتةً.
تابع "جلده الذاتي" بطفولية:
"ربما لو أعطيتها قليلاً، ماكانت الألوان لتذوب والسكاكر لتختفي.."

6 Comments:

At Friday, November 03, 2006 12:05:00 AM, Blogger White Wings said...

كلنا ظالم وكلنا مظلوم، ولا تبقي غير ألوان السكاكر
رائع

 
At Friday, November 03, 2006 11:00:00 AM, Blogger Hassan said...

Speaking of "Al-Ka7ba2":

http://www.al-akhbar.com/ar/node/10601

But really, Hilal. Many people think that Marwan Hmedeh gets to lecture on many things and morals because he is a (self-proclaimed) "half-martyr". My problem is with the other half.

 
At Friday, November 03, 2006 12:12:00 PM, Blogger Hilal CHOUMAN said...

yeh hassan..
just read it yesterday midnight. bas anasaba2to hal marra :P
I agree on the other part.. I always thought that approaching death make people review their way of life and how they behave.. I was wrong on many occasions when it comes to Lebanon..

 
At Friday, November 03, 2006 6:31:00 PM, Blogger Hassan said...

Hilal,
I think a good exception to this is Ghassan Tweini. This man has been though so much, especially the loss of all his children. Yet, unlike many other Lebanese, he has proven to possess a great soul.

 
At Friday, November 03, 2006 6:42:00 PM, Blogger Hilal CHOUMAN said...

you are right..I stated that before ya hassan. I agree although i oppose him in politics..

 
At Saturday, November 04, 2006 6:54:00 AM, Blogger Kalam Wa Kalimat said...

Hi. Visit me.

 

Post a Comment

<< Home