17.7.06

عبّاد الضوء الأخضر


إثر كلّ الفشل الذي لحق بكلّ ما عمل قادة الأرض الأغبياء، رغم أنّهم غير مقتنعين بحالهم التافهة، وانكشافهم أمام الأمم بجمعها وطرحها، قرّروا أن يزوروا سيّدهم الذي لم يروه يوماً لأخذ النصح… رغم أنّه ليس من عاداتهم أخذ القرارات…
كالعادة لا يحقّ لهم رؤيته أو حتى سماع صوته… فهو صامتٌ، يخطّط أكثر ممّا يتكلّم… يرى ولا يرى… سلطته تعلوهم جميعاً، وهو يعيّنهم ويختار خلفاءهم من نفس الطينة الفاسدة… لا يعرفون إن كان مات يوماً، إن كان هو نفسه في كلّ الحالات، لكن ما همّهم ما دامت كراسيهم ملتسقة بقفاهم، وكلّ مقدّرات الأرض في أيديهم…
دخلوا إلى مركزه البسيط رغم معرفتهم بغناه الفاحش، الطبيعي عند من يسيطر على أموال الأرض وعلى كلّ أبواقها وحكّامها… لم يلاقهم أحدٌ للحفاظ على رهبة المكان، وجلسوا على طاولةٍ مستديرة كامنة في بهوٍ ضوؤه خافت… تفاجأوا ببعضهم، هم من يسبّون بعضهم ليل نهار… كانوا هناك جميعاً: اليمين واليسار، الوسط… المتشدّدين والمتسامحين… الديموقراطيين والدكتاتوريين والإشتراكيين… مؤمنين وملحدين… من كلّ بلدان العالم أتوا دون استثناء… أتوا لأخذ النصح: ماذا نفعل بعد…
ركعوا وصلّوا قائلين: يا سيّد زد أموالنا وأملاكنا… علِّ مقامنا، زد سطوتنا… يا قوي قوّنا بقوّتك… أعمِ عيون الناس عنّا… اجعلنا فوق كلّ شيء لكي نخدمك… أولادنا يرسلون لك ولاءهم… وينتظرون خدمتك من بعدنا… فلا تحرمنا وتحرمهم من كلّ ما لديك…
ثم عاد الصمت ليغلب كثرة أعدادهم الخانعة والسافلة… حنوا رؤوسهم منتظرين أن يأتي الجواب… وكانوا يستلّون النظر على بعضهم البعض، وهم يقولون في نفوسهم: كيف يعقل أن أكون معه على نفس الطاولة!!… لكن هذه حكمة السيّد، فهو يعرف أنّ وجود كلّ منّا مبرّرٌ لوجود الآخر… ما همّنا نحن، المهم أن نبقى في مراكزنا… والكلام مجاني لا أحد يحاسب عليه… غذاً ننتقد بعضنا… لكن كما يأمر السيّد…
كان الأغبياء ينتظرون بينما كان سيّدهم يأكل عسل ملكة النحل… فعمره الطويل الذي بات يعتقده أبديّة يعود لأكله من حدائقه الخاصة، وليس من ما توزّعه شركاته وشركات أزلامه من طعامٍ مسمومٍ على كلّ البشر… كان ينظر إلهم من خلال تلفازه الصغير، فيرى عرق الذل يتساقط من على جباههم، وكان يتلذّذ بضعفهم كما بعدّ دقات قلوبهم…
دقّت الساعة… رنّ جرس صغير في القاعة فزادت عدد دقات قلوبهم أضعاف… سيأتي جواب السيّد…
ركعوا على الأرض وانتظروا قدوم الصوت أو العلامة المنتظرة… راحوا ينظرون صوب بعضهم وصوب وسط الطاولة حيث كان يوجد مصباحٌ كهربائي صغير… الذي ما أنير باللون الأخضر… فهلّلوا وفرحوا وعانقوا بعضهم قائلين: إنّه الأخضر… إنّه الضوء الأخضر… المجد لك يا سيّدنا… المجد لك…
فخرجوا من هناك… وانهال على لبنان الانتقام… وعلى شعب لبنان الظلم والتدمير…
قادة العالم يعيشون في نشوة ضوء إلههم الأخضر… فلا تسألوهم رحمة أو مساعدة…
هم منتشون والعالم بألف خير!!
هم يرون بيروت تحترق فيعتقدون أنّه مغيب الشمس…
هم يسمعون بكاء الأطفال فيخالونه ابتهالاً لإلههم…
هم يعتقدون عنين وأوجاع أمهات وطني أهازيج…
العالم بألف خير… لاعبٌ نطح لاعباً كتبت عنه صحفهم وتكلمت عنه وسائل إعلامهم أكثر من إبادتنا جماعياً…
العالم بألف خير…
اعتقدوا وآمنوا كما قال لهم سيّدهم أنّ لبنان هو البيوت والجسور والطرقات… اعتقدوا أنّ لبنان إن ضربوه وشرذموه سيركع لإلههم…

فلنذكرهم ولنذكر سيّدهم الغبي، الجالس في غرفة المرايا يراقب جمال نفسه كلّ النهار والليل، والذي يعتقد أنّه يدير العالم بكبسة زر…
لبنان أيّها الغبي لا ولن ينحني أمامك… لا ولن يموت… لأنّ إسم الله مختومٌ على جباله… فعبثاً كلّ محاولاتك…

1 Comments:

At Tuesday, July 18, 2006 10:34:00 AM, Blogger lifeflaw said...

Great post Sasmen, very sensitive; I love the last sentence. Thanks for sharing with us.

 

Post a Comment

<< Home