5.10.06

الطمليس

زاروب "الطمليس" هو من الأحياء التي ظهرت مع بداية انتقال أهالي بيروت المرفهين لمنطقة طريق الجديدة – صبرا. كانت الأراضي هناك عبارة عن تلال من الرمل تخرقها بعض البيوت التي بنتها العائلات البيروتية التي آثرت كما عادة تلك الأيام أن تعيش مجتمعة. كانت صبرا هي السابقة لطريق الجديدة وعدت من مناطق البرجوازية المستجدة آنذاك.
لم يعلم من انتقل إلى هناك أن التاريخ سيغير من وجه المنطقة.
وقتها كان زاروب الطمليس يسمى شارع "العاهرات" وكانت العائلات البيروتية تؤثر في العلن الضغط على أبنائها للابتعاد عن ذلك الشارع وإن كان الكثير منهم لا يستجيب في السر.
تروى الكثير من القصص عن علاقات "رجال" العائلات بذلك الشارع. هناك قصة تتحدث عن توبة "عاهرة" بسبب أحد أعيان بيروت الذي ما لبث أن صار زوجها وكونا معاً عائلة صغيرة.

مع نهاية الحرب اللبنانية كان أن انقلب الزاروب شارعاً من البؤس والحرمان. بعض العائلات البيروتية وفي تصرف مثير للضحك تبعث بأولادها ليتعلموا "سواقة" السيارة هناك. يقولون لأولادهم: إن استطعتوا أن تدخلوا الشارع بالسيارة من غير أن تُواجَهون بسيارة آتية في الجهة المعاكسة تكون محظوظين. وإن استطعم النفاذ من الشارع إلى المزرعة، تكون السيارة لكم. مكان الامتحان قد يكون أيضاً شارع صبرا الشعبي الذي بات أحد متفرعات المخيم الفلسطيني الأشهر الذي ارتكبت فيه المجزرة المؤرخة باسم "صبرا وشاتيلا" على أيدي إحدى الميليشيات المسيحية وبأوامرمن أحد شهداء (؟؟) زمن السلم المفترض.أما طريق الجديدة فباتت الخزان البشري السّنّي وفي الأيام السابقة للإنتخابات، يـُستدعى أعيان عائلاتها / المفاتيح الإنتخابية إلى قصور وبيوت النواب السنة الممثلين في البرلمان.
في المقلب الآخر لشارع المزرعة يقع شارع بربور ذو الغالبية الشيعية والذي "استُقبـِل" نبيه بري فيه كساكن خلال الحرب اللبنانية. الشارع اشتهر مع تصريح جنبلاط الانتخابي الذي يقول: "كيف بدك تقنعني إنو صولانج الجميل بتقدر تمشي ببربور؟". طبعاً بعد ذلك اقتنع "البيك" على أمل عدم اعتذاره عن هذه "القناعة" في المستقبل.

زاروب الطمليس عاد إلى الواجهة الأسبوع الماضي ليس من باب العهر أو البؤس بل من باب الأحداث "الفردية" الكثيرة التي تنتشر في شوارع بيروت عند كل احتقان سياسي.
"المشكل" حصل في شارع الطمليس بين أنصار حركة أمل وأنصار شباب المستقبل على خلفية تمزيق صور لنبيه بري وحسن نصر الله وأتى بعد التصريح / العباءة الأعنف لوريث الشهيد رفيق الحريري، ابنه سعد الحريري ومشكلة الأمن العام بين الفريق الشيعي بشخص نبيه بري.
في التصريح ، أعاد سعد الحريري وحركة آذاربشقها السني تفويض فؤاد السنيورة راداً على اتهامات الغرف المغلقة بوصف ما حدث في شهري تموز وآب بالكارثة لا بالبطولة. وفي استعادة لمنطق "قالوا وقلنا"(النسخة السنية)، قارن بين السنيورة وأولمرت في مقاربه يصح وضعها في خانة العبثية السياسية.
في مشكلة الأمن العام، وبعد المديح المتواصل 24/7 للرئيس "الوطني" نبيه بري، وبعد إعطائهم منابر إعلامية لوجوه شيعية مستقلة عن الخط المقاوم الشيعي كمفتي ال LBCI علي الأمين (المطرود من حركة أمل والمتهم بممارسات لا أخلاقية خلال الحرب الأهلية يضعها هو في باب النكاية من أعدائه الدينيين والسياسيين) ومنى فياض (أستاذة علم النفس التي تحاضر في شؤون الجيوبوليتيك)، اضطر 14 آذار كما كل مرة للتسوية كرمى لعيون بري الذي يراهنون عليه لشق الصف الشيعي في ولدنة سياسية تبعث على الضحك.
جاء المشكل من أنصار الحليف الشيعي المستقبلي المفترض ولم يأتِ من أنصار حزب الله. يقال دائماً أن أنصار حركة أمل هم الأقل ضبطاً في الطائفة إذا ما قورنوا بأنصار حزب الله وقد اتُهموا من قبل أركان 14 آذار في سنوات ماضية بالفساد وبأنهم "يأكلون البيضة وتقشيرتها" في مناصب الدولة . لكن كل ذلك لا يهم. المهم هو البحث عن شريك شيعي يتم مواجهة به حزب الله.
ثم أتى المشكل ليتم "لحس" كل ما سبق من تصريحات متبادلة، فاجتمع سعد الحريري ببري، واستمر قادة 14 آذار في استنزاف رصيد المظاهرة الشهيرة.

الأيام القادمة ستشهد محاولة فرض "الاعتدال" المستجد على ساحة السياسة الإقليمية ولبنان بوصفه البوابة لا يوفر إعطاء خدمات مجانية كأن يتم استقبال بلير المنبوذ في بلده أو أن يقف السنيورة قرب المستشارة الألمانية ميركل في مؤتمر صحفي متناسياً تصريحها عن "حماية إسرائيل" وربما واضعاً إياه تحت العنوان الفرعي المروّج له حالياً "الديموقراطية وحق الإختلاف". عفواً، الديموقراطية "المعتدلة" وحق الاختلاف كما بشرتنا الآنسة (؟؟) كوندي. الديموقراطية "المعتدلة" تظهر بشائرها في كيفية التعاطي مع قوى اليونيفيل التي تزداد مهماتها يوماً بعد يوم يساعدها في ذلك بنود القرار 1701 المبهمة، ولا مشكلة في ذلك طالما أن الأموال تتدفق على لبنان.
الأيام القادمة ستشهد محاولة ترويج للبنان "مستقل" عن كل قضايا المنطقة بحجة "إنو خلص، تعبنا". لكن هذه الحجة تبدو سخفاً سياسياً مقارنةً بما يجري في فلسطين والعراق.
وخلال ذلك زواريب السياسة ستؤدي إلى حوادث "فردية" تماماً كالطمليس.
بس مش كل مرة بتسلم الجرة.

2 Comments:

At Thursday, October 05, 2006 3:00:00 PM, Blogger Jamal said...

شو يا هلال جمعت بين عاهرات و عانسات بزاروب ما إلو مخرج
و لتزيد الطين بلّة حطّيت معن أحد الأعيان واقف معو زاروبو ، كيف ما بدّك إياهن يتوبوا؟

 
At Friday, October 06, 2006 3:48:00 PM, Blogger Rania said...

Hey Hilal, thank you for the precious information about the zaroub. Interesting...

 

Post a Comment

<< Home